.

وداعا، جدة

Sunday - 8 Jul, 2012
02:34 بتوقيت مكة + 1
صُنِف في ملف : فوضى مبعثرة

بعد أقل من شهر من الآن، سأودع جدة حتى أجل غير مسمى بعد أن قضيت عامين في جنباتها. تجربتي مع / في جدة تجربة خاصة من نوعها لا يمكن تلخيصها في كلمة أو كلمتين. تعلمت فيها الكثير من الدروس، اندعكت أكثر، و خرجت منها شخصا آخرا، من كل النواحي.

غيرتني جدة. بشوارعها، بأسواقها، بقربها من مكة، بسيارات الأجرة فيها، بمطاعمها، بناسها، ببنوكها، بدوائرها الحكومية. و أكسبتني الكثير من التجارب التي صقلت شخصيتي و وسعت أفقي و أكسبتني إطارا آخرا أرى من خلاله الآخرين / الدنيا.

تعلمت الكثير عن السعودية و السعوديين.. في جدة. هم مظلومون كثيرا من قِبَل الإعلام و الخارج. سوء ظهر من بعضهم عُمِمَ على أغلبهم، عززها كون الأغلب الصالح متمركز في الداخل لا صوت له و لا صورة. السياقة في السعودية وجدتها بالسوء الذي وصفه لي الآخرون. حال المرأة في البلد ليس بالمعدوم كما هو مصور في الخارج. بل لعل دور النساء في المجتمع هنا و نجاحاتهن أكثر مما رأيته في الخارج. و حالهن في تحسن مستمر.

عرفت عن الغربة ما لم أتمنى يوما أن أعرفه أو أذقه. مررت بمواقف / صعاب ما كانت لتكون لولا أني كنت أعيش وحدي في بلد غريبة، دون عائلتي (بابا، ماما، أخي، أخواتي). لم تقصم ظهري، لكنها دعكتني كثيرا و قوّت قدرتي على تحمل السوء.

و لا أخفي أني في أيامي الأخيرة في جدة، بتُ أراها بعين أخرى.. بعين مسافر يكاد يرحل. تغير كل شيء فيها و أصبح شيئا أريد الاستزادة منه قبل أن أخرج، "خروجا بلا عودة". لكن تظل التكاسي بروائحها و سائقيها من التجارب التي أحمد الله أنها تكاد تنقضي.

الحمد لله. ..يا رب لا تحرمني مكة.
صبا

_______
* الصورة لسوق الشاطئ للعبايات.. في شمال غرب جدة