.

شطحات سفر: عيني في عينك؟

Tuesday - 26 Jul, 2016
10:02 بتوقيت مكة + 1
صُنِف في ملف : زحمة البشر

Screen Shot 2016-07-26 at 7.59.22 AM

في ثاني سفراتي على الخطوط ...، أزعجني كثيرا تجنب المضيفات المتعمد للنظر إلي حين تعاملهن معي. حين يسردن لي خيارات القائمة المتوفرة، حين يقدمن إلي الطعام، حين يتجاهلن شكري لهن، حين يجبن أسئلتي النادرة، وغيره. لم يكن موقفا واحدا، ولا مضيفة واحدة، ولا رحلة واحدة، ولا وجهة واحدة. نظراتهن وابتساماتهن توزع يمنة ويسرة، ثم تتوقف عندي بشكل واضح، مهين.... رغم ابتسامتي العريضة وهدوئي المطلوب.

بغض النظر عن السبب، سواء كانت حساسيتي المفرطة، أو أيا كان؛ بشكل مهني، امتناعهن عن النظر لي لا يعني شيئا، لكنه أزعجني. ودفعني للكثير من التفكر.

--

ما الأهمية التي يتحلى بها التواصل البصري ؟ لمَ لم أكن جديرة به، في نظرهن؟ ...لمَ شعرت بالإهمال وعدم الاحترام من مجرد تجنبهن للنظر نحوي؟

في مجتمعنا، أثناء أول بهدلة نمر بها، لمَ كثيرا ما نوبخ إن تجرأنا على "المواجهة البصرية" مع مصدر التوبيخ؟ لكن في نفس الوقت، يقولون لنا: "العين مغرفة الكلام"؟ ...يعني، لمَ لم تكن مغرفة الاحترام؟ لم علي أن أشوح بنظري بعيدا كي أظهر احترامي لك، لكن عليّ أن أوجهه نحوك كي أظهر اهتمامي؟

ماذا عن الصدق؟ لم حين نطالب محدثنا بالصدق والصراحة المطلقة، نقول كثيرا "عينك في عيني"؟ ... ولم كثيرا ما نجد "المستحي" يلجأ أولا لتجنب النظر، أو التواصل البصري، في طريقته للتعبير عن خجله؟ وكأنه يخفي حقيقة خجله "الواضحة" في عينيه؟ ...لمَ لا يكترث المار العابر بالتقاء عينيه بغريب تام، لكنه يصرف نظره فور التقاء عينيه بوجه مآلوف؟

وفي جانب آخر، لمَ كانت أولى محطات الحب "نظرة أولى"؟، لمّ حذرونا أولا بالنظر حين قالوا: "نظرة، فابتسامة، فموعد، فلقاء"؟ ...لمَ يكون "البعيد عن العين، بعيدا عن القلب"؟

سرحت أكثر، أليس "النظر" لوجه ربنا الكريم هو غاية المنى؟ أليس هو النوع الأوحد من التواصل الإلهي الذي لم يحظى به بشر في الدنيا؟

--

أي سحر تملكه العين لتتحلى بتلك القوة الكافية للتعبير عن مشاعر متضادة بطرق مختلفة لكن واضحة؟ --بغض النظر عن الثقافات واللغات ...وهل لأي من هذا علاقة بحقيقة أن أحدنا لا يمكنه النوم بشكل مرض دون أن يغلق عينيه؟ --حصرا، دونا عن الحواس كلها.

.... لا أعرف. لا أملك بعد أيا من الأجوبة. ولا زلت متضايقة من المضيفات.

*عيون حائرة*
صبا :)

____
*مصدر الصورة