
كبرتُ و فهمت
18:59 بتوقيت مكة + 1
ما حدث معي لم يكن مميزا و لا شاذا، لكن تصرفي اتجاهه و طريقة تفاعلي مع ما حدث.. دفعتني لكثير من التفكر بما مضى و بتنهيدة والديّ حين كانا يقولان: “بكرة تكبروا و تفهموا.”
ما حدث معي لم يكن مميزا و لا شاذا، لكن تصرفي اتجاهه و طريقة تفاعلي مع ما حدث.. دفعتني لكثير من التفكر بما مضى و بتنهيدة والديّ حين كانا يقولان: “بكرة تكبروا و تفهموا.”
بتُ أؤمن بشدة بوجود فرق شاسع بين أن تكتب لتخاطب جمهورا و ترضيه، و بين أن تكتب لتخاطب عقلك/نفسك و ترضي أفكارك.
من عدة مواقف و تجارب سابقة، أزداد يقينا بما قاله السباعي في كتابه “هكذا علمتني الحياة”. يقول فيه:
“مشكلات الطائر و هو يحلق في السماء، لا يفهمها إلا طائر مثله.”
الطفل، فيما بدا لي، لا يتجاوز السبعة أعوام. أخته تصغره بعامين أو أقل. لم أشهد بداية الموقف، لكن أخته تذمرت لوالدها من إزعاج أخيها، مما دعا الوالد أن يترك ما بين يديه من سلع، أحكم النظر في الطفل و بدأ يقترب منه و هو يزجره. لم يقترب كثيرا من ابنه، لكن الطفل تغير وجهه بشكل مخيف. و بدأ يحاول التبرير بينما يقترب منه والده؛ كلما اقترب والده أكثر، كلما ازدادت علامات الرعب وضوحا على ملامح الطفل و كلما قلت كلماته. توقف الأب عن الحركة. سكت الطفل. نظر الأب. زاد رعب الطفل. انصرف الأب.
يقولون من حيث آتي: “صار للشوحة مرجوحة و لأبو بريص قباب.” رغم أني لا أعرف من هو/هي “الشوحة” أو “أبو بريص”، إلا أني أعرف أن المثل يستخدم للاستشهاد بأشياء أصبحت في منال الجميع، و بالأخص من لم يُتوَقع أن ينَلها.
أجد متعة كبيرة في ارتياد الأماكن العامة، لا لشيء سوى أنها مكان مناسب و ممتع لرؤية المجتمع يعيش حياته على حقيقتها دون تشويه إعلامي أو تنميق حكومي. سواء كنتَ في مراكز التسوق أو على طاولات المطاعم أو في المحال المتفرقة باختلاف أحجامها، ستتمكن من أن ترى بنفسك ما يحدث بين العائلة و الأفراد و الجماعات، بصمت. لكن حركاتهم كفيلة بكشف الكثير لك و بالسماح لك بفهم الإطار العام للصورة. أنت فقط تحتاج أن تنصت بعينيك و تتأمل.
كنت أتفكر اليوم بالتشهد “أشهد أن لا إله إلا الله، و أشهد أن محمدًا رسول الله.” كلنا نعرف العبارة، و نرددها في كل الصلوات و كثير من الأذكار. و مع ذلك، قد ينسى الكثير منا ذكر التشهد لمجرد التشهد.. لمجرد أن تسرح بعقلك في ظرف ثواني لعالم إيماني تعيد فيه تجديد إيمانك الراسخ بوحدانية الله.. بأن رسول الله عليه السلام هو نبيه و رسوله.
يزعجني كثيرا أن أستمع لمن يتذمر من أسلوب شخص ما أو طريقة معيشته. بالإضافة لكونها غيبة نؤثم عليها، منطق معظم هؤلاء الأشخاص مثير للقرف. بالأخص حين يكونون ممن اختاروا ملازمة الشخص المثير للشكوى أو تتبعه أو أيا كان بإرادتهم، لكن الرسالة المضمنة من شكواهم: “أنا عالق. أنقذوني” !